عندما بدأ السوق يشتكي من CZ، بدأ الناس يحنون إلى SBF

مقابلة مع SBF: فاز محامو الإفلاس، وحصل الدائنون على السداد الكامل، أما ذلك الشخص الذي كان يمكن أن يجعلهم أكثر ثراءً، فهو الآن ينتظر اليوم الذي يدرك فيه العالم الحقيقة.

الكاتب: @amuse

الترجمة: AididiaoJP، Foresight News

لم تنتهِ قصة SBF في قاعة المحكمة التي صدر فيها الحكم عليه، بل استمرت في جداول البيانات، وميزانيات الشركات، والدفاتر المنسية.

هذه الوثائق تروي قصة تختلف تمامًا عن النسخة التي سمعها الجمهور.

من خلال نظام البريد البطيء والخاضع للرقابة في السجن، وبواسطة أصدقاء كوسطاء، أبقيت على تواصل مع SBF. في رسائله، بدا هادئًا، تحليليًا وذو روح تأملية. يقرأ الكثير من روايات الخيال العلمي، ويغوص في العوالم الافتراضية، ربما لأن الشركة التي أنشأها بيديه قد تم تفكيكها الآن على يد محامين لا يفهمون العملات المشفرة ولا جوهر العمل. أصبح أنحف وأكثر هدوءًا.

ما يريد قوله الآن يستحق الاستماع، لأن الرواية الرسمية لانهيار FTX قد تكون واحدة من أخطر حالات تشويه الحقيقة المالية في السنوات الأخيرة.

وفقًا للبيانات التي قدمها SBF، لم تكن FTX يومًا في حالة عجز عن السداد. سواء في نوفمبر 2022 عندما سلم السيطرة تحت ضغط المحامين والجهات التنظيمية، أو عندما وصل السوق إلى أدنى مستوياته. بحسب حساباته، عند تقديم طلب الإفلاس، كانت FTX تملك أصولًا بقيمة 15 مليار دولار، بينما بلغت الالتزامات 8.4 مليار دولار فقط. ويعتقد أن هذا الفارق الكبير كان يجب أن يكون بمثابة وسادة أمان لحماية العملاء والدائنين.

ومع ذلك، أعلن محامو الإفلاس أن الشركة "مفلسة بشكل ميؤوس منه"، وقاموا ببيع الأصول بأسعار منخفضة للغاية. اليوم، حصل كل دائن على السداد الكامل بل وربح إضافي، لكن المليارات التي كان من الممكن استردادها استُهلكت في رسوم المحاماة الباهظة، والنزاعات القانونية، وقرارات اتخذها أشخاص "لا يعرفون حقًا ما يفعلونه".

السرد السائد يصور FTX كبيت من ورق، شركة مجنونة يديرها مؤسس غريب الأطوار يخلط الأموال ويخدع المستثمرين. لكن الحقيقة أعمق وأكثر تعقيدًا بكثير.

نموذج عمل FTX كان مشابهًا للعديد من شركات التكنولوجيا الناشئة سريعة النمو: التطوير السريع والتجربة والخطأ في مجال لم تكتمل قوانينه بعد. يعترف SBF الآن أن المفارقة تكمن في أن نقطة ضعف الشركة الحقيقية لم تكن الاحتيال، بل الامتثال. فقد أنفقوا الكثير من الجهد في محاولة إرضاء الجهات التنظيمية التي تجيد العقاب ولا تجيد التوجيه.

"كان مطورونا يقضون نصف وقتهم في التعامل مع متطلبات التنظيم المرهقة،" قال لي، "لم نركز على بناء أنظمة إدارة المخاطر والتدابير الأمنية، بل كنا نصنع تقارير لا يقرأها أحد وعروض تقديمية لا يصدقها أحد." ويرى أن هذا التشتت كان قاتلًا. فعندما ضرب الذعر السوق، كانت الأنظمة الداخلية لـ FTX قد انهارت تحت وطأة البيروقراطية، وأُنهك القادة، وغرق المؤسس في نصائح قانونية متضاربة.

عندما حلت الأزمة، فعل SBF ما يفعله معظم الناس تحت الضغط: لجأ إلى الخبراء. المشكلة أن مصالح هؤلاء الخبراء لم تتوافق مع هدفه في حماية العملاء. كان دافعهم هو دفع إجراءات الإفلاس، والاستيلاء على السيطرة، ثم تقاضي أتعابهم بالساعة. "لقد مارسوا ضغطًا هائلًا،" قال، "والوعود التي قطعوها تلاشت بسرعة." بالنظر إلى الوراء، يرى أن هذا كان أكبر أخطائه: اختار التنازل بدلًا من التمسك بموقفه.

"كانت FTX قادرة على السداد، والأموال كانت وفيرة،" قال لي، "لكن العملاء لهم الحق في المطالبة، وفي ذلك الوقت أخبرني الجميع أن تسليم السيطرة هو الأفضل للعملاء. والنتيجة؟ لقد خدم ذلك المحامين فقط."

هنا يكمن فرق أخلاقي نادرًا ما يناقشه الجمهور. يؤكد SBF أن تحمل المسؤولية لا يعني الاعتراف بالجريمة. المسؤولية تعني اختيار أن تكون قائدًا للأحداث لا مجرد متلقٍ لها، ومواجهة دورك في تشكيلها. بروح كهذه، لا ينكر أخطاء حكمه. يشعر بندم عميق: تخلى عن السيطرة عندما كانت القيادة مطلوبة أكثر؛ فشل في مراقبة تعرض Alameda للمخاطر؛ ركز بشكل مفرط على لعبة التنظيم وأهمل الإدارة التشغيلية. لكنه يرفض أيضًا قبول لقب "الشرير الذي سرق مليارات الدولارات". يرى أن فشله الحقيقي كان في القيادة، لا في السرقة.

لم يدخل أي من مديري Lehman Brothers، Bear Stearns، AIG، General Motors، Chrysler السجن

إذا بدا هذا وكأنه إعادة كتابة للتاريخ، فانظر إلى الحقائق: بفضل ارتفاع قيمة الأصول، دفعت ممتلكات الإفلاس للدائنين أكثر من المبالغ الأصلية لمطالباتهم بمليارات الدولارات. هذا يعني أن كل عميل، وكل دائن، استعاد أمواله بالكامل بل وأكثر، ولم يخسر أحد فعليًا. ضحايا تلك الشركات الكبرى لم يحظوا بهذا المصير. ومع ذلك، بينما ظل مدراء تلك الشركات أحرارًا رغم فقدانهم لسمعتهم، يواجه SBF سنوات من السجن، رغم أن البيانات تظهر أن شركته تعرضت لأزمة سيولة غذتها حالة ذعر ونصائح سيئة.

الفائزون الحقيقيون هم من تولوا الأمور بعد رحيله: المحامون، المستشارون، والخبراء الذين تقاضوا أكثر من مليار دولار مقابل تفكيك شركة كان يمكن أن تبقى على قيد الحياة.

المقارنة لا يمكن أن تكون أوضح: لو تُركت FTX لتتعافى طبيعيًا، لكانت واحدة من أروع قصص العودة في تاريخ المال. لكنها أصبحت وليمة لشركات الخدمات المهنية التي كوفئت بسخاء لمعالجتها "الفشل". باع المحامون الأصول بسرعة في أدنى مستويات السوق، وفاتهم انتعاش سوق العملات المشفرة القوي الذي كان يمكن أن يضاعف قيمة الأصول عدة مرات. يقدر سام أنه لو أُديرت الأمور بشكل صحيح، لكان من الممكن أن تحقق ممتلكات الإفلاس قيمة إضافية تصل إلى 12.5 مليار دولار. لكن النتيجة الفعلية أنهم باعوا في القاع، وادعوا الفطنة بسبب القدرة على السداد التي كانت موجودة أصلًا، ودفعوا فواتيرهم الضخمة من أموال أصحاب المصلحة الذين كان من المفترض أن يحمونهم.

هذا التناقض المقلوب هو جوهر المأساة كلها. مؤسس أحد أكثر البورصات تطورًا في التاريخ في السجن، بينما من فككوها حققوا أرباحًا طائلة. حتى الآن، لا يزال تفكير سام يحمل رغبة في الفهم: كيف يمكن لنظام صُمم للحفاظ على النظام أن ينتهي بابتلاع قيمة هائلة بهذا الشكل؟

"عندما تُدان في محكمة الرأي العام،" كتب، "يُعتبر تحمل أي مسؤولية اعترافًا بكل الذنوب." يمكن الشعور بإحباطه بوضوح، لكن رسالته خالية من الشفقة على الذات، بل تحمل فضول روح لا تزال تحاول فك لغز هزيمتها.

في عالم موازٍ آخر، ربما كان SBF ليصبح مصلحًا يعيد تشكيل المال من خلال الجمع بين الشفافية والتكنولوجيا. محرك تصفية FTX، النظام الذي يدير تلقائيًا الهامش والمخاطر، كان ثوريًا بمعايير الصناعة. المؤسسات المالية التقليدية تتبنى الآن أنظمة مماثلة، لكن هذا الابتكار الذي جعل FTX قوية هو نفسه الذي جعلها هدفًا.

يشير SBF إلى أن الجهات التنظيمية في عهد إدارة بايدن "لم تحمِ العملاء في الغالب؛ بل فرضت على الشركات مهامًا متضاربة ومرهقة، ثم رفعت دعاوى ضد من لا يعجبها." تحت قيادة Gary Gensler، رفضت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية كل إطار امتثال قدمته FTX، وغالبًا ما كان الرئيس نفسه هو من يرفض. هذا الصدام خلق عاصفة مثالية: عداء سياسي، فوضى قانونية، وهستيريا إعلامية، اجتمعت كلها ضد مؤسس شاب.

من السهل اعتبار هذا حكاية أخلاقية عن الغرور. لكنه أيضًا قصة عن كيف يمكن للمؤسسات أن تلتهم الابتكار لمصلحتها الخاصة. القوى التي تدعي حماية المصلحة العامة تتصرف غالبًا كالمفترسين عندما تسنح الفرصة.

انهيار FTX خلق نظامًا بيئيًا من المحامين والبيروقراطيين والمستشارين، بينما دمر شركة كان يمكن أن تبقى على قيد الحياة لو كان هناك من يقودها بكفاءة. إذا كان هناك درس، فهو أن السلطة تكره الفراغ، وعندما يتنازل المؤسس، غالبًا ما يملأ الفراغ الجشعون لا الفضلاء.

SBF لا يسعى للتعاطف. يعلم أن اسمه أصبح مرادفًا لـ"الإفراط" و"التهور". لكن الأرقام لا تكذب: كل دائن حصل على السداد؛ كل مستثمر استعاد أمواله؛ ما يسمى بـ"الضحايا" بخير، بينما "الشرير" في السجن. إذا كانت العدالة تعني التعويض، ففي هذه القضية، باستثناء ذلك الشخص الذي لا يزال خلف القضبان، فقد تحققت العدالة.

كلماته الأخيرة لي كانت متحفظة للغاية: "عندما لا يدافع عنك أحد تقريبًا، يجب أن تدافع عن نفسك ضمن الحدود التي تستحقها." هذه العبارة تعكس عناده وتواضعه في آن واحد. لا ينكر أنه ساهم في الفوضى، لكنه يرفض السماح للآخرين بتزوير البيانات. يعتقد أن سقوط FTX لم يكن نتيجة حتمية للجشع، بل نتيجة الاستسلام الذي كان يمكن تجنبه.

بهذا المعنى، قصته لا تتعلق فقط بالعملات المشفرة أو المال، بل هي مأساة أمريكية أكبر. المواهب دُمرت بفعل البيروقراطية، والشجاعة أُسيء توجيهها إلى خبراء يخلطون بين السيطرة والكفاءة.

إذا كان التاريخ عادلًا بما فيه الكفاية، فسيسجل في النهاية: لم تكن FTX عملية احتيال، بل خطأ في التقدير تفاقم بسبب الغطرسة المؤسسية. أكبر جريمة لـ SBF ربما لم تكن أفعاله، بل فشله في الاستمرار بالمقاومة.

فاز محامو الإفلاس.

حصل الدائنون على السداد الكامل.

أما ذلك الشخص الذي كان يمكن أن يجعلهم أكثر ثراءً، فهو الآن يقرأ روايات الخيال العلمي، وينتظر اليوم الذي يدرك فيه العالم الحقيقة.